قبل خمس سنوات من الآن تخرّجت من الثانوية العامة، الحياة حلوّة والفرحة كبيرة وأخيرًا خلصت من همّ المدارس وبصير جامعيّة صرت كبيرة، وفرحتي مابعطيها لأحد..
إنتهت الصيفيّة وإبتدأ التسجيل في الجامعة كانت فترة صعبة علي، كل الجامعات ماقبلتني إنتهى بي الحال في البيت وأبتدا الهمّ والنفسيّة التعبانة كل الأيام تشبة بعضها، روتين قاتل ملل متواصل، فشل، عالة، كآبة كل الأحاسيس المؤلمة بوقتها كانت ساكنة فيني، ولكن أمر الله فوق كُل شيء، وأمر الله أسمى وأجمل من كُل شيء.
كنت مثل أيّ إنسان، ضيقة الأُفق، مُتذمِرّه دائمة الإعتِراض على القدَر ذات تفكير محدود، ورؤية قاصِرة لم أرى من أمر الله إلا أنهُ -رداة حظ- مرٌت أيامي بـ بُطئ قاسي كانت الليالي تنهش في حلمي الوردي، لم أعُد أفكر بلأمر، أصبحت أردد خيرة.. خيرة.
شاء الله يومًا أن يقع بين يدي كِتاب -إستمتع بحياتك- لمحمد العريفي لم يكُن التغيير الجذري بحياتي لكنّه كان أول خطوّة قرأتة وتبدلت أمور خفيّة في صدري، إستبشرت خيرًا في الغلاف كان يضع الشيخ رقمًا له، تجرأت وأرسلت له عبارة شكر على كتابه وكيف أنهُ ملأني تفائل ورِضا.
ردّ بإمتنان على شُكري وأنه كان هدفُه الأسمى أن يستفيد الناس مما كتَب لم أتردد بأن أشكو لهُ وضعي ولم يتردد -جزاهُ الله عني خيرًا- أن يُربّت بلُطف على نفسي المُطمئنة ويُذكرها بأن لها رب أكرم وأجوّد من أن يرُد عبدًا يسألُه.
هُنا فعلًا بدأت حياتي تُصبح حياة لم أتردد في رفع يديّ للسماء والناسُ نيام، لم أتردد في بكائي بين يديه، كُنت جائعة لحُب الله والقُرب منه..
نعم.. هذا ماأردتُة منذ البداية، فقط إحتجت لدفعة بسيطة، لكلمة حانيّة تُخبرني أن الله يفرح بتقرُبي إليه امتلأت نفسي بحُب خالقها، حتّى أنني نسيتُ همّي، لا، لم يكُن همًا أبدًا علِمتُ أن المهموم، من لم يعرِف الله أبدًا ومن لم يشعر بتلك الطمأنينه في قُربة علِمت أن المهموم، من لم يبكي ويشكو لله يالله، ماأغناك عنّا، وما أحوجنا إليك.
طاب لي العيشُ، أصبحتُ مِمن يقوم الليل أتلهفُ لذلك الوقت، الذي أحمل فيه سجادتي ومُصحفي وأُصلي لله وأدعوه وأرجوه أن يغفِر لي ذنوبي، وبُعدي عنه دعوتُه كثيرًا أن لايحرمني من هذة النعمّة، نعمة الشكوى لله الشكوى لله إشتكيتُ له من كُل شيء أحزنني، من كل أمر أبكاني كُنت أتحدث إلى الله كُل ليلة، وأخبرُه أني أحبه، وأشتاق إليه كثيرًا في كُل ليلة أستودعه أحلامي وأمنياتي الصغيرة.
كُنت أعلم أنها في آمان بين يديه سُبحانه أدعوه وأعلم بأنه لن يخذُلني أبدًا ومرّت سنتان، وأنا أعيش لله وبالله ومن أجل رِضا الله.
كان يقول أهلي والنّاس ادخلي معهد، إدرسي دبلوم، حرام يضيع عمرك بالبيت، والله العظيم، لم تعُد كلماتهُم تحُدث فارقًا في نفسي وكنت أُردد في نفسي، إني أعلمُ من الله ما لا تعلمون، أصبحتُ إنسانة مؤمنة، أرى الحياة الآن بنظرة مُختلفة، إيجابيّه أصبحت مُتفائلة، وأعلم أن الله معي ولم يترُكني ولن يترُكني.
بعد إنتهاء السنتان بدأ التسجيل من جديد ملأت بياناتي وأتممت عملية التسجيل وقُبلت في الجامعة في القسم الذي كنت أحلُم به لا، لم أكن أحلُم به، كان شيئًا جميلًا بعيدًا عنّي ولكن الله كتبهُ لي.
تلك السنة التي قُبلت بها تبدّلت أنظمة وقوانين في حرم الجامعة وكانت كُلها لمصلحتي كطالبة كانت دفعتي هي أوّل دُفعة للنظام الجديد الذي سيُتبع في كل الجامعات تبدّل المنهج وأصبح مطورًا أكثر.
توسّعت مجالات العمل بعد التخرج -إن شاء الله- وكل من تم قبوله من اللواتي تخرّجن معي من الثانويّة العامة ولم يتبق لهُن سوى سنتان للتخرُج تقدّمن بطلب تحويل للنظام الجديد، وبدأن الدراسة من جديد.
كل ذلك في نفس السنة التي بدأت أنا فيها، يالله، كُل هذا كان مُخبأ لي، لا أستحق كُل هذا يا رّب الحمدلله، الحمدلله أراد الله أن يجعلني أتقرّب إليه أراد أن يجعلني أؤمن بأن كُل شي ولو بدا في ظاهره سوء هو أمر جميل.
ليس لشيء سوى أنهُ من الله وقبل أن أُنهي كلماتي، سأخبركُم بسر صغير لكل من يحملُ همًا، وكل من يعيش ضائقًا وكل من يأس من أمر ما: لا تحزنوا يا أصدقاء.. فربكُم هو الله وسيُبدلكُم خيرًا مما ذهب منكُم، سيُبدلكُم فرحًا وسعادة بقدر إيمانكُم به.
الكاتب: منيرة المطيري.
المصدر: موقع ياله من دين.